نساء يرتدين «السترات الصفراء» يتجهن نحو مركز الشرطة الجديد في لومان أمس. (أ ف ب)
نساء يرتدين «السترات الصفراء» يتجهن نحو مركز الشرطة الجديد في لومان أمس. (أ ف ب)
-A +A
رويترز (باريس)
في عام 1789، استدعى ملك فرنسا لويس السادس عشر قيادات الطبقة الارستقراطية ورجال الدين وبعض المواطنين لبحث سبل سد العجز في المالية وكبح الاستياء الشعبي النابع من النظام الإقطاعي. كانت تلك بداية الثورة الفرنسية، وخلال شهور أصبح بلا حول ولا قوة وبعد 4 أعوام أعدم بالمقصلة.

وبعد مرور قرنين من الزمان، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى نقاش وطني لتهدئة محتجي «السترات الصفراء» الذين ينظمون احتجاجات هزت إدارته منذ أكثر من شهرين.


ويطلق ماكرون مبادرة «الحوار الموسع» غدا (الثلاثاء)، والتي تركز على 4 قضايا: الضرائب، الطاقة الخضراء، الإصلاح الدستوري، والمواطنة. وستجري المناقشات عبر الإنترنت وفي قاعات البلدية، إلا أن مسؤولين قالوا إنه لن يحدث تغيير على مسار الإصلاحات التي أعلنها ماكرون والهادفة إلى تحرير الاقتصاد.

وقال المتحدث باسم الحكومة، بنجامين جريفو لقناة (بي. إف. إم) التلفزيونية «الحوار ليس فرصة لكي يفرغ الناس إحباطاتهم ولا لكي نشكك في ما حققناه خلال الـ18 شهرا الماضية... نحن لا نعيد الانتخابات من جديد». وحذر المؤرخ ستيفان سيرو من جامعة سيرجي بونتواز لصحيفة «لو باريزيان»، من أنه بوضع حدود للبنود التي سيجري بحثها، يخاطر ماكرون بارتكاب نفس الخطأ الذي حكم على الملكية بالفشل. واعتبر أن «ماكرون مثل لويس السادس عشر الذي تلقى دفاتر التظلمات ولكن لم يفهم شيئا منها».

وعلى بعد 100 كيلومتر جنوبي باريس، يتلقى رئيس بلدية قرية فيجي تظلمات مكتوبة من أصحاب «السترات الصفراء» المحليين مثل أجوستينو باريتو مالك المراب البالغ من العمر 65 عاما المقتنع بأن الحكومة ستصيغ الحوار بالشكل الذي يناسبها. وقال باريتو «كل ما نقوله مثل الغبار الذي يتناثر مع الريح... لا يستمع لنا أحد».

ويشعر جاك دروان رئيس البلدية بالتعاطف تجاه هذا الإحباط. ويقول إنه سيرفض إجراء حوار مجتمعي ما دام يصر ماكرون على المضي قدما في الإصلاحات بصرف النظر عن أي شيء آخر. وأضاف «ليس هذا هو ما يريده المواطنون... كفى. الأمر يعود الآن إلى قادتنا للاستماع لما يقال في دفاتر التظلمات». ومن شأن المشاركة الضعيفة أن تقوض التجربة، وأوضح استطلاع للرأي، أن 40% فقط من المواطنين يعتزمون المشاركة في الحوار. وسيعزز من وضع ماكرون التراجع الحاد في الدعم الشعبي للمحتجين خلال الشهر الماضي، وقد تعهد باستخدام الحوارات لتحويل غضبهم وصياغة سياسة جديدة عبر ديموقراطية تشاركية.

ويطالب أصحاب «السترات الصفراء» بحق الدعوة لإجراء استفتاءات عبر التماسات جماعية، ولم يرفض وزراء كبار الفكرة ووصف رئيس الوزراء إدوار فيليب، الاستفتاءات التي تجري بطلب من المواطنين بأنها «أداة مفيدة في الديموقراطية» إلا أنه قال إن استخدامها يجب أن يكون محدودا. لكن الفكرة الأكثر ترجيحا هي التي يروج لها الحزب الحاكم والحكومة بإجراء حوار وطني يليه استفتاء على عدد من الأسئلة بدلا من مجرد التصويت بالموافقة أو بالرفض.

وقال نائب مدير الأبحاث بشركة تينيو للاستشارات، أنطونيو باروسو، إن الحكومة على دراية بمخاطر تحويل أي تصويت إلى استفتاء على ماكرون وليس على القضايا... ولهذا يتم حل ذلك بطرح عدة أسئلة.